باعوا الوطن والعلم والنشيد

باعوا الوطن والعلم والنشيد بقلم : صلاح صبحية
إلى أين نحن ماضون في ظل وضعنا الحالي ؟ أماضون إلى ترسيخ الانقسام ، أم ماضون إلى الخروج من مستنقع الفرقة والحقد والكراهية والبغضاء الذي أوجده الانقسام ، ولكن كيف يكون الخروج من هذا المستنقع الكريه وأبطال الانقسام لم يحددوا هويتهم بعد ، هل هي هوية وطنية أم هوية قومية أم هوية إسلامية ؟ أم هي هوية نوَريّة غجريّة ؟ حيث أن النّور والغجر لا يحملون هوية شخصية ولا يحملون جواز سفر فتراهم يتنقلون من مكان إلى آخر دون أن يربطهم بمكان معين أي رابط ، فما الذي يربطنا نحن بأرض فلسطين ، هل نحن وطنيون نعتز ونفتخر بوطننا الفلسطيني ،أم نحن قوميون نعتز ونفتخر بأمتنا العربية وبأرض الوطن العربي ، أم نحن إسلاميون نعتز ونفتخر بأننا ندين بالإسلام ، أم نحن نوَرٌ وغجرٌ لا تربطنا أية رابطة بأي أرض كانت ، فإذا كنا نوَراً وغجراً فلا لوم علينا إذا قلنا أنّ فلسطين ليست وطناً لنا ولا يعنينا من يسود على أرضها فأرض الله واسعة نجوب آفاقها حيث نجد الكلأ والماء ، أمّا إذا كنا غير ذلك فيجب أن يكون لنا وطنٌ وأن تكون لنا هويّة ، فمكة كانت أحبّ أرض الله إلى قلب رسول الله (ص) وما هجرها إلاّ بأمر من الله سبحانه وتعالى ، فمكة هي وطن رسول الله ، ولأنّ حبّ رسول الله (ص ) لوطنه مكة كان شديداً ، ولأنّ قلبه كان متعلقاً بها وهو يصلي لله فإذا بالخطاب الإلهي لرسول الله (ص) يقول : لنولينك قبلة ترضاها ، فأي قبلة يرضاها ويهواها رسول الله(ص) سوى مكة ، فيا رسول الله ولـّي وجهك شطر المسجد الحرام ، ولـّي وجهك نحو الأرض التي تهواها ، ولـّي وجهك نحو وطنك يا رسول الله ، فهذا هو رسول الله (ص) الوطني القومي المسلم ، وطنيُ بمكة المكرّمة ، وقوميٌ بالمدينة المنوّرة ، ومسلم بنشر الإسلام في بقاع الأرض ، فماذا يقول الانقساميّون في غزة هاشم ؟ فما هو وطنهم ؟ وما هي قوميتهم ، وما هو دينهم ؟ فإذا كانوا فلسطينيين فوطنهم فلسطين ؟ وإذا كانوا قوميين فوطنهم فلسطين ، وإذا كانوا مسلمين فوطنهم فلسطين ، ولأنّ وطنهم فلسطين فإنّ عليهم واجب الالتزام بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية حيث تنص المادة الرابعة من النظام الأساسي لمنظمة التحرير على ( الفلسطينيون جميعهم أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية ) ، حيث أنّ منظمة التحرير الفلسطينية ليست مجرد منظمة وإنما هي الكيان السياسي والوطن المعنوي للشعب العربي الفلسطيني ، فالفلسطيني ليس مجرد عضو في منظمة التحرير بل هو مواطن في منظمة التحرير ، هذه المنظمة التي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني ، ولم تصبح المنظمة ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب العربي الفلسطيني بقرار سطّره الشعب العربي الفلسطيني على الورق وإنما أصبحت كذلك بقرار خطه الفلسطينيون بدمائهم الزكية الطاهرة التي روت أرض فلسطين والأردن ولبنان ، شلالات من الدماء وآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى والأرامل والثكالى واليتامى كان ثمناً لوطن معنوي جسده الشعب العربي الفلسطيني حتى كسب الشرعيات الثلاث ، الفلسطينية والعربية والدولية ، واليوم يريد الانقساميون أن يشطبوا منظمة التحرير ويشطبوا معها كلَّ تضحيات الشعب العربي الفلسطيني من أجل تنفيذ مآرب الإخوان المسلمين الذين وجدوا الفرصة سانحة لهم بالوصول إلى مؤسسات السلطة في بلد عربي هو فلسطين ، فأنّى لهم التخلي عن هذا المكسب العظيم ؟!! ، لأنّ تخليهم حتى عن سلطة الحكم الذاتي يعني فشلاً لأهداف حركة الإخوان المسلمين في الوصول إلى سدة الحكم ، ألم يؤدي الانقساميون في غزة يمين القسم وعلى مرأى من العالم كله بأنّ ولاءهم هو لحركة الإخوان المسلمين وليس لفلسطين الأرض والشعب والوطن ، واليوم يعلن الانقساميون من الدوحة ومن دمشق بأنهم يريدون بناء مرجعية جديدة غير منظمة التحرير ، أي أنهم يريدون وطناً لهم غير فلسطين ، وكأنّ لسان حالهم وفعلهم على الأرض يعلن أنّهم ليسوا بفلسطينيين ، أليست الهوية الوطنية الفلسطينية هي السلاح الأمضى والأخطر في مقاومة الاحتلال الصهيوني الاستيطاني لفلسطين ، فترسيخ الثقافة الوطنية الفلسطينية بكل أبعادها الجغرافية والتاريخية والسياسية والنضالية هي السد المنيع والحصين لمواجهة الصهاينة في تهويدهم للأرض الفلسطينية وليس قسم الولاء لحركة الإخوان المسلمين هو الذي يجسّد عمق الانتماء لفلسطين أرضاً وشعباً وجغرافية وتاريخاً ، وهذا يؤدي إلى أنّ من يرفض أن يكون مواطناً في منظمة التحرير الفلسطينية عليه أن يكون جريئاً أيضاً ويعلن تخليه عن الجنسية الفلسطينية لصالح هويته الإخوانيّة ، فكفاكم أيها الانقساميون من توجيه تهم الخيانة والكفر والتفريط والتنازل التي أصبحت هي تسبيحكم اليومي ، وكفاكم استخداماً للمال السياسي مستغلين حالة الفقر والعوَز لدى جزءٍ غير قليل من أبناء الشعب العربي الفلسطيني ، فإنّ الهوية الوطنية الفلسطينية ليست محلاً للمساومة بقدر ما هي نضال ومقاومة تحت راية العلم الفلسطيني وليس تحت راية الإخوان المسلمين ، جميع الشعوب والأمم تفتخر بعلمها الوطني إلاّ جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين فإنّهم يمزّقون العلم الوطني الفلسطيني ، بل تمادوا اليوم أكثر وفعلوا فعلتهم السوداء من خلال فضائية الجزيرة بأنْ تمادوا على رمزٍ وطني آخر هو نشيد الوطن ( موطني )،حيث حرّفوا هذا النشيد إلى كلام بذيء مبتذل عبّروا من خلاله عن نفسيتهم المريضة وكأنهم ليسوا من هذا الوطن الفلسطيني وليسوا من هذه الأمة العربية التي ينتشي العربي فخراً واعتزازاً وهو يسمع هذا النشيد الرائع ( موطني ) لأنّ هذا النشيد الذي جاد به وجدان وضمير الشاعر الفلسطيني الكبير ابراهيم طوقان إنّما كان تعبيراً عن وطنية وقومية وإسلامية كل مواطن عربي على امتداد الوطن العربي ، فنشيد موطني لا يعني الوطن الفلسطيني وحده بقدر ما يعني الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج ، فهل من خروج من مستنقع الانقسام بعد هذا الإعلان من قبل الانقساميين باللاإنتماء إلى الوطن أرضاً وشعباً وعلماً ونشيداً ، وهل مقاومة الاحتلال وطنياً وقومياً وإسلامياً يتطلب من أدعياء المقاومة تمزيق علمهم الوطني وتحريف نشيدهم الوطني والتخلي عن انتمائهم الوطني ، فأي وطن هذا الذي يريدون تحريره ولم يبقوا له اسما ورمزا وعنواناً فقد باعوا الوطن والعلم والنشيد !!!!!
سورية – حمص في 22/10/2009 صلاح صبحية