شاليط سلعة وحيدة ووحيدة الثمن

من طرف صلاح صبحية الخميس ديسمبر 24, 2009 5:11 am

شــاليــــط سلعة وحيدة ووحيدة الثمن بقلم : صلاح صبحية

شاليط ، هذا الأسير الصهيوني منذ ثلاث سنوات ونصف ، أما آن لحكايته أن يكون لها نهاية ، أم إنه شاليط الورقة الرابحة في أيدي الممسكين بها ، حيث أنّ حبل شاليط لا أحد من الطرفين يشد ه إليه ، فكلاهما يرخي الحبل من جهته ، فليس من مصلحة أي من الطرفين إنهاء هذا المسلسل الذي تحوّل من حلقات إلى أجزاء ، فالطرف الفلسطيني يريد أن يبقى شاليط لديه انطلاقا من إنّ بقاء شاليط لديه دليل على مدى قوته ومدى نجاحه في إدارة المفاوضات مع العدّو الصهيوني ، فهو متمسكٌ بمطالبه في تحرير مئات الأسرى ، وفي مقابل ذلك فإنّ الطرف الصهيوني يريد أن يبقى شاليط لدى الطرف الفلسطيني وهو يدرك جيداُ بأنّ شاليط لن يُقتل وذلك انطلاقاً من أن شاليط سيكون الورقة الرابحة لديها في استمرار الحصار وفي استمرار الاعتداءات اليومية على قطاع غزة ، وفي استمرار الضغوط على الطرف الفلسطيني في كل مجال ، وليس مهما لدى الطرفين من أن يكون أبناء الشعب الفلسطيني هم دافعي الثمن في قضية شاليط .

وليست المشكلة في بقاء شاليط أسيراً لدى الطرف الفلسطيني ، ولكنّ المشكلة في مضمون التفاوض ، فالطرف الفلسطيني لم ينطلق في تفاوضه اعتباراً من أنّ شاليط إنسان عادي جداً ، بقدر ما هم الأسرى الفلسطينيين أناس عاديون جداً أيضاً ، ولكنه انطلق من أنّ شاليط هو سلعة فريدة من نوعها وأنها غالية الثمن ومرتفعة السعر وبأنّ الطرف الصهيوني هو المشتري الوحيد لهذه السلعة الوحيدة ، فالقضية هي وجود سلعة وحيدة ، وبائع وحيد ، ومشترٍ وحيد ، فالبائع الفلسطيني لا يستطيع أن يبيع سلعته إلاّ للمشتري الصهيوني ، والمشتري الصهيوني لا يستطيع أن يشتري هذه السلعة إلا من البائع الفلسطيني ، ومن هنا فإنّ المساومة على هذه السلعة الوحيدة يكون شائكاً وحذراً ، وفي المساومة على السلعة الوحيدة تكمن مشكلة إنسانية أخلاقية ، وهي أنّ ثمن السلعة هي من جنس السلعة ذاتها ، فالسلعة هي شاليط الإنسان ، والثمن هم مئات الأسرى من الناس ، والخلاف بين السلعة وثمنها ، هو أنّ السلعة صهيونية بينما ثمنها فلسطينيون ، فشاليط إنسان يشبه الأسير الفلسطيني الإنسان أيضاً ، فشاليط إنسان له جذع ورأس وأطراف ، وكذلك الأسير الفلسطيني له جذع ورأس وأطراف ، فكيف يمكن أن يبيع الطرف الفلسطيني سلعة يكون ثمنها من جنس السلعة وبأعداد كبيرة .

لنخرج قليلاً إلى سوق الذهب حتى ندرك قيمة كل من شاليط والأسرى الفلسطينيين ، إذا كنتُ أملك اليوم ألف دولار ، فإنني استطيع شراء أونصة ذهب كما هو سعرها اليوم ، ولكنني لم أقم بالشراء اليوم ، ومرت فترة من الزمن وأردت أن اشتري أونصة ذهب بالألف دولار التي أملكها ، ففوجئت بأنّ سعر أونصة الذهب ألف وخمسمائة دولار ، وإذا أردت أن اشتري ذهباً بالألف دولار التي معي فأنني سأشتري 0.666 من أونصة الذهب ، فأونصة الذهب لم تتبدل صفاتها كلها ، والذي حدث هو ارتفاع سعرها ، وهذا يعني هبوط القوة الشرائية للدولار الذي رفع من قيمة الذهب ، ولكني لم أشتري الذهب أيضاً في هذه المرة ، وبعد فترة أخرى ذهبت بالألف دولار لشراء أونصة الذهب ، فوجدت نفسي قادراً على شراء ثلاث أونصات ذهب بذات المواصفات السابقة ، فماذا يعني هذا ؟ يعني ارتفاع القيمة الشرائية للدولار الذي خفضّ من قيمة الذهب ، وأخذت أسأل نفسي ما الذي يحدث ؟ الألف دولار هي هي منذ أن كان سعر أونصة الذهب ألف دولار ، فهل طرأ تبدل وتغيير على الألف دولار التي معي من حيث اللون والشكل والطباعة والكتابة ، لم يطرأ أي تغير عليها ، ونظرت إلى أونصة الذهب فوجدتها هي ذاتها لم يطرأ عليه أي تبدل أو تغيير ، واكتشفت أنّ قيمة الدولار هي التي طرأ عليها التبدل والتغيير .

فهل نحن في سوق شاليط التجاري ، هذا الشاليط الذي كلفنا وسيكلفنا غالياً ، هذا الشاليط الذي ندفع ثمنه يوميا شهداء وأسرى وتدمير بيوت وجرف مزروعات وحصار فوق حصار ، هذا الشاليط الذي دفعنا ثمنه وثيقة الأسرى ،وثيقة الوفاق الوطني ، حيث قال السيد أسامة حمدان بأنّ حماس قامت بعملية أسر الجندي الصهيوني لتضع وثيقة الوفاق الوطني على المحك ، ولم يكن بعد قد جف حبر التوقيعات عليها ، ودفعنا ثمن هذا الشاليط أسر الاحتلال لعشرات أعضاء المجلس التشريعي والعديد من الوزراء وكلهم من حماس ، ودفعنا المئات المئات من الشهداء ومن الأسرى من أجل عيون شاليط ومن أجل البطولة المجانية التي قمنا بها ، فهل نقبل أن نتاجر بأسرانا ونساوم عليهم في سوق النخاسة الصهيوني .

لماذا نلغي القيمة الإنسانية لأسرانا الذين نطالب الطرف الصهيوني بالإفراج عنهم مقابل إفراجنا عن شاليط ، أليس للإنسان الفلسطيني قيمة إنسانية على الأقل لدى شعبه ولدى قياداته ، بينما شاليط يصبح صاحب أكبر قيمة إنسانية في العالم بسبب جهلنا ، وبسبب تنازلنا عن إنسانيتنا ، وبسبب تقزيمنا لقضيتنا ، أم إنّ الإنسان الصهيوني يؤكد لنا ونؤكد له بأنه من شعب الله المختار ، وما دام شاليط مختارٌ من الله فإن له قيمة معنوية ومادية لا يمكن تقديرهما بأي حال من الأحوال ،لأنّ قيمة شاليط ابن شعب الله المختار لا يستطيع لبشر أن يقدرها فتقديرها هو مللك لله ، هذا وإنّ تقديرنا الخاطىء لقيمة شاليط هي التي جعلت قيمة المناضل أحمد سعدات بظفر واحد من أظفار قدم شاليط وكذلك هي قيمة المناضل مروان البرغوثي ، والأحد عشر ألف أسيرا فلسطينيا أو ما يزيد هم لا يستطيعون أن يرجّحوا كفة الميزان لصالحهم مقابل كفة شاليط ، لأنّ نفوسنا هانت علينا ، ولأننا هدرنا كرامتنا بأيدينا ، ولأننا أردنا أن نبني مجداً وهمياً بتقليل قيمة أسرانا قادة وكوادر وقواعد .

آن الأوان لننهي هذ المسلسل بحق أسرانا ، ونعيد لكل واحد منهم قيمته الإنسانية والمعنوية ، وألا نجعل من شاليط يساوي كل الشعب الفلسطيني ، وعلينا أن نعلن اليوم بأننا لا نريد الإفراج عن شاليط إلا مقابل الإفراج عن أسير فلسطيني واحد ، وهذا لا يعني هزيمة للطرف الفلسطيني ، وإنما هو انتصار لكرامة الإنسان الفلسطيني التي هدرناها كثيرا نتيجة سياسة خاطئة في حل قضايا أسرانا في سجون الاحتلال ، وبالتالي ألا نجعل شاليط سلعة وحيدة ووحيدة الثمن .

فلسطين – ترشيحا في 23/12/2009 صلاح صبحية

من طرف **gg1948** السبت ديسمبر 26, 2009 6:44 am

الاخ العزيز صلاح تحية طيبة
كل الشكر لك على الموضيع القيمة وجزك الله خير الجزاء
لم يبقى عند المقاومين سوى هذة الطريقة في التعامل مع عقولا المقاومة انهت من اربع سنوات بعد ان وصول الى الكرسي

شاليط سلعة وحيدة ووحيدة الثمن

شاليط سلعة وحيدة ووحيدة الثمن

رد: شاليط سلعة وحيدة ووحيدة الثمن