حق العودة بين الثوابت ومحاولات الالتفاف
صفحة 1 من اصل 1
حق العودة بين الثوابت ومحاولات الالتفاف
حق العودة بين الثوابت ومحاولات الالتفاف
بقلم : د . تيسير النابلسي
أمام إصرار الرأي العام العربي على التمسك بحق العودة ومحاولات الالتفاف عليها بطرحها كعناوين تفرغها من مضمونها، وبين التمسك اللفظي بالقرار 194 كشعار، واستبعاده كتطبيق، بين هذين الموقفين هناك حرب كامنة تطفو أحياناً وتخفت أحياناً، ولذلك فإن على الأمة أن تتابع بحذر ما يقال علناً وما يقال سراً وتكون جاهزة للمواجهة .الأمة وقادتها المخلصون مطالبون بهذه المرحلة بأن يشكلوا قناعة كاملة لا تتزعزع بأن العودة حق ثابت لا يجوز التنازل عنه، وممكن عملياً أن يتم تطبيقه وتنفيذه على الأرض وفي الواقع حتى لا يبقى حلماً .لا يكفي أن نقنع أنفسنا ونقنع الآخرين بحق العودة بل لابد أن نحدد لأنفسنا وللآخرين طريق العودة، وذلك يتطلب التعامل مع الواقع على الأرض وما أفرزه هذا الواقع من قناعات لدى الآخرين المؤثرين في القرار، أي أن نضع معادلة الحق بمواجهة الواقع للخروج بأسلوب يحمل طريق الحل. هذا يقودنا إلى العمل ووضع الحلول التي يمكن أن يتقبلها المجتمع الدولي بكافة مؤسساته وهيئاته بما لا يتعارض مع ثوابتنا بالتمسك بحق العودة طبقاً لما أكدته المواثيق الدولية وعلى رأسها قرارات الأمم المتحدة .
هذا الأمر يتطلب:
* أولا: تشكيل القناعة بحق العودة لدى الشعوب العربية والإسلامية ولدى الضمير العالمي والرأي العام الدولي والمؤسسات الانسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الدولية .
* ثانيا: آليات توضح طريق العودة بوضع حلول ومقترحات يمكن أن يتقبلها المجتمع الدولي، أي وضع معادلة الحق والواقع .
* ثالثاً: مخاطر طرح موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين لعام 48 الى وطنهم في أية محادثات تتم الآن لوضع حلول للقضية الفلسطينية مع العدو “الإسرائيلي” - توقيت الطرح - إذا لم تتوفر لدى المفاوضين القناعة التامة والثبات باعتبار التنازل عن هذا الحق أو الالتفاف حوله كما حصل في اتفاقية جنيف أو ما سمي وثيقة جنيف التي وقعها في جنيف ياسر عبد ربه ويوسي بيلين “الإسرائيلي” عام 2003م .
- مقاومة أي اتجاهات استسلامية بحكم الواقع المتردي الذي تمر به القضية الفلسطينية والشعور بالهزيمة بما ينعكس تنازلات أساسية تمس جوهر مشكلة عودة اللاجئين الفلسطينيين الى مناطق 1948م .
مثل هذه الاتجاهات موجودة لدى بعض قطاعات الشعب الفلسطيني وخاصة الذين انخرطوا بوهم عملية الحلول السلمية المطروحة على الساحة الفلسطينية والعربية طبقا لوثيقة جنيف .
ب - التوجه الى الدول والشعوب الغربية والولايات المتحدة وتوضيح أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ليست مشكلة انسانية أو اقتصادية فقط يمكن حلها بالمساعدات أو التوطين وإنما هي مفتاح الحل العادل للقضية الفلسطينية، وإذا كان الغرب حريصا فعلاً على شرق أوسط مستقر فلابد أن يحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي خلقها حلا عادلاً، والتركيز على أن الحقائق والاحصاءات التي يمكن استخلاصها من أحداث انتفاضة الأقصى والعمليات المسلحة التي تتم من جانب المقاومة الفلسطينية تنطلق في معظمها من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأن الجيلين الثالث والرابع من أبناء اللاجئين الفلسطينيين هما اللذن يقودان هذا العمل المسلح .
ج- إعداد شامل ومركز لأسانيد حق العودة باللغات العربية والانجليزية والفرنسية بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة وهيئاتها والمواثيق الدولية بما في ذلك اتفاقية لاهاي والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقية الدولية في شؤون الحقوق المدنية والسياسية لعام ،1966 والتركيز أيضاً على ما ورد في ميثاق نورمبرج الذي اعتبر أن التهجير عن الوطن من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية .
د- الاهتمام بتجميع وثائق وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين (الأونروا) المتمركزة في غزة والضفة الغربية وعمان وبيروت وجنيف، واعداد ملف اللاجئين الفلسطينيين المتعلق بالعودة والتعويض .
ه- استخدام كل الوثائق والمعلومات المتوفرة للقيام بحملة دولية اعلامية مركزة في العالم العربي وفي كافة أنحاء العالم وخاصة الولايات المتحدة والدول الغربية . وتوليد القناعة اللازمة لتحريك الرأي العام في الولايات المتحدة والغرب لطرح ملف اللاجئين الفلسطينيين عالمياً وبشكل مستمر .
و- أن نهيئ أنفسنا للصعوبة البالغة للقيام بهذه المهام وإعداد أنفسنا لذلك بالصبر والثبات والاستمرار .
إن تقديم أفكار وحلول أقرب إلى الواقعية يزيد في قناعة الآخرين بعدالة قضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض بحيث تكسب هذه القضية أصدقاء آخرين على نطاق واسع للتوجه العملي لحل هذه القضية .
العدو “الإسرائيلي” يصور للعالم أن تطبيق وتنفيذ حق العودة هما التفاف على فكرة القضاء على “إسرائيل” وشعبها وطرده من أرض فلسطين، ولمواجهة هذا المخطط “الإسرائيلي” الذي يجد له سنداً متزايداً في الولايات المتحدة والدول الغربية على مستوى الحكومات وأيضاً على مستوى الرأي العام فلا بد أن نطرح حلولاً واقعية متدرجة تهيئ الرأي العام الدولي لتقبل الحلول المتدرجة التي نطرحها كما يلي:
1- أن أرض فلسطين تتسع لتستوعب من يرغب من اللاجئين الفلسطينيين العودة للاقامة في فلسطين وثمة دراسة أولية موثقة قام بها المهندس د . سلمان أبو ستة أثبت فيها أن الأرض الفلسطينية قادرة على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في الشتات إلى جانب السكان المقيمين الآن من يهود وعرب ويمكن هنا التوسع في هذه الدراسة من كافة جوانبها السكانية والاقتصادية والاجتماعية .
2- إن استمرار الهجرة اليهودية الى فلسطين واستمرار العمل بقانون العودة الذي سنته الدولة الصهيونية يعرقل أي حل للمشكلة الفلسطينية ومشكلة اللاجئين وهو قانون عنصري وظالم ولا يتفق مع مبادئ العدالة ومواثيق وحقوق الانسان وينبغي على “إسرائيل” أن تلغيه وتشكيل رأي عام دولي ضد استمرار هذا القانون الظالم .
3- إن الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين الفلسطينيين تعرضوا الى مظالم بشعة حرمتهم من أبسط حقوق الحياة الآدمية وأنهم أكثر شعوب الأرض معاناة وأن سبب هذه المعاناة راجع إلى تشردهم وإقامة “إسرائيل” على أرضهم، وبالتالي فعلى “إسرائيل” أن تعلن عن اعتذارها للشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين والأجيال الثلاثة من جدود ومن آباء وأحفاد الذين ولدوا بالمنفى عن هدر حقوقهم وطردهم من أرضهم والمظالم التي أوقعتها بهم على مدار أكثر من خمسة عقود .
4- أن تعلن “إسرائيل” قبولها القرارات الدولية وخاصة القرار 194 لسنة 1948 وأنها مستعدة للالتزام بتطبيقه بالتنسيق مع ممثلي الشعب الفلسطيني والهيئات الدولية المعنية .
5- أن تشكل لجنة دولية تشرف عليها الأمم المتحدة لتطبيق القرار .
6- أن يتم تأسيس صندوق يجري تمويله أساساً من الأمم المتحدة والدول التي أسهمت بخلق واستمرار مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وبخاصة بريطانيا والولايات المتحدة و”إسرائيل” للانفاق على عمليات اعادة اللاجئين وتوطينهم داخل وطنهم واقامة متطلبات سكناهم وعملهم والمرافق الصحية والتعليمية اللازمة لذلك .
7- أن تحدد فترة زمنية لا تتجاوز العشرين عاماً لتنفيذ هذا القرار ضمن برنامج متدرج يأخذ بالحسبان توفير أماكن الاقامة والعمل للمجموعات الفلسطينية التي يتفق على عودتها .
8- أن تقوم هيئة دولية متخصصة في تحديد الأملاك والأراضي العائدة للفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة وتقييم عائداتها وإلزام “إسرائيل” بدفع عائداتها لأصحابها .
المرحلة الأولى:
* أولاً: السماح لمن يرغب من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين حالياً داخل مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بالعودة إلى المناطق التي هجروا منها عام 1948 خلال فترة عشر سنوات .
* ثانياً: السماح لمن يرغب من الفلسطينيين الذي جرى طردهم وإبعادهم بعد عام 1967 من فلسطين من الضفة الغربية وغزة يقيم حالياً بالأردن بالعودة والاقامة في المناطق التي طردوا أو ابعدوا منها على أن يتم تنفيذ ذلك خلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات .
ثالثاً: السماح لمن يرغب من اللاجئين الفلسطينيين حالياً في لبنان بالعودة التدريجية النسبية الى المناطق التي هجروا منها خلال فترة عشر سنوات .
رابعاً: أن يسمع لكل فلسطيني يقيم خارج فلسطين ولا يرغب في الاقامة الدائمة في فلسطين الحق في الدخول والخروج والتنقل والتملك داخل فلسطين على أن يتم تنفيذ هذا الأمر خلال مدة خمس سنوات .
المرحلة الثانية:
أنه بعد انقضاء برنامج المرحلة الأولى تبدأ المرحلة الثانية التي تمتد إلى عشر سنوات أخرى حيث يمارس حق العودة للراغبين بذلك من اللاجئين المقيمين في بقية مناطق الشتات مع تعويضهم طبقاً لبرنامج المرحلة الأولى .
بالتوازي مع الطرح السابق يمكن التفكير بحل الدولة الواحدة في حالة لم تصل الأمور الى حل الدولتين وفقاً لرؤية المبادرة العربية . بحلول بديلة تفرضها الطبيعة الجيوغرافية للأرض الفلسطينية والتوزيع السكاني والعوامل الاقتصادية على أرض فلسطين الكاملة حيث يتواجد الآن تقريباً خمسة ملايين يهودي من بينهم حوالي الثلث من اليهود العرب الذين عاشوا في فلسطين والدول العربية إضافة الى العرب الفلسطينيين المقيمين في فلسطين 48 إضافة الى الفلسطينيين العرب المقيمين في الضفة وغزة .
هدا التداخل السكاني الجغرافي والاقتصادي لا يمكن حله باستمرار الوضع الراهن بالسيطرة والاحتلال والقمع وسفك الدماء واستمرار المعاناة الإنسانية لكافة المقيمين على أرض فلسطين وبالتالي ينبغي أن يكون التوجه الى العالم والى الرأي العام “الإسرائيلي” في داخل فلسطين بأن الحل العادل الذي يضمن السلام والاستقرار والعدالة وتحقيق الأمن “للإسرائيليين” والفلسطينيين ممكن في إقامة دولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة يتعايش فيها العرب واليهود بالتمتع بحقوق وواجبات مواطنة كاملة ومتساوية تسود فيها الديمقراطية والحريات تفتح فيها الأبواب لكل من يرغب في العودة الى وطنه ليسهم في بناء دولة المساواة بعيداً عن أي أحقاد أو تمييز عنصري أو ديني أو طائفي .
إن الانطلاق في هذه الدعوى لدولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة يمكن أن يكون الحل الممكن إذا أراد المجتمع الدولي و”الإسرائيلي” العيش بسلام وطمأنينة بعيداً عن عوامل الحقد والكراهية وسفك الدماء وتدمير الأرض والإنسان .
إن تبني هذا الشعار “دولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة” وطرحه أمام العالم لا سيما في داخل فلسطين التاريخية بكل اصرار وثبات وصبر واقتدار يؤدي إلى حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وخطوة الى الأمام في مسيرة العودة الى فلسطين .
المرحلة الثالثة: خطورة طرح مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في المفاوضات التي جرت وتجري إذا كنا غير قادرين وغير مستعدين للحفاظ على ثوابت حق العودة .
أ- الجانب الإنساني والأخلاقي في مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ومسؤولية العدو “الإسرائيلي” والغرب عموماً عن خلقها تشكل قوة ضاغطة إذا بقي هذا الملف مفتوحاً وأحسن إدارة هذا الملف كجزء من المواجهة للوصول الى الحل التاريخي العادل المنشود فلسطينياً وعربياً وإسلامياً .
ب- إن هذا الحق بقدر ما هو حق للشعب الفلسطيني كمجموع فهو حق لكل فرد فلسطيني وبالتالي لا يمكن لأحد التنازل عنه عبر أية اتفاقيات مهما كانت اطرافها تتم الآن بحيث يكون ثمن إنهاء الاحتلال للأرض المحتلة 1967 التنازل عن حق العودة .
ج- إن هذا الحق ومتابعته وعدم التفريط به هو نافذة النجاة التي سينفذ منها الشعب الفلسطيني والأمة العربية لتحقيق الحل التاريخي العادل للقضية بعد أن جعلت اتفاقيات أوسلو وما تلاها سقف المطالبات الفلسطينية هو دحر الاحتلال “الإسرائيلي” عن الأراضي المحتلة عام 1967 كباب للحل المرحلي للقضية الفلسطينية .
د- في المدى المنظور وفي ظل اختلال موازين القوى والتأييد اللامحدود للعدو “الإسرائيلي” من جانب القوة العظمى وفي ظل الضعف والهوان العربي ينبغي ألا نسمح لأية تسوية سياسية لاحتلال عام 67 لتكون على حساب اغتصاب عام 1948 . وإذا كانت ثمة صعوبات بالغة التعقيد أمام الوصول الى حل الحد الأدنى لتحقيق الاستقلال الوطني ودحر الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام ،67 بما فيها القدس كعاصمة، لهذه الدولة فإن التفاوض على حل الحد الأدنى مرتبط بالثبات على حق العودة وحرصاً على ابقاء هذا الحق بعيداً عن أي مساومة أو تفريط أو الخروج بحل مشروط والالتفاف عليه كما فعلت وثيقة جنيف وضرورة ابقاء هذا الحق متوهجاً وملفه مفتوحاً على مصراعيه على مستوى الأفراد والجماهير والمنظمات الفلسطينية والعربية والدولية والإصرار على متابعة ما يلي:
1- رفض التوطين للاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين مقابل التنازل عن حق العودة لهم .
2- فتح ملف عودة اللاجئين على مصراعيه على مستوى العالم وأمام المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والسلام العالمي واستمرار التحرك الجماهيري داخل وخارج فلسطين للمطالبة بهذا الحق .
3- استمرار القيام بحملات إعلامية مكثفة ومدروسة ومدعومة بالوثائق والمستندات من الزوايا القانونية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية وإعداد ملف كامل بهذا الخصوص على المستوى الفلسطيني والعربي الإعلامي على التفصيل السابق .
4- إن مضي الزمن والأحداث على الأرض وثبات الموقف الفلسطيني والدعم العربي والإسلامي واستمرار المقاومة ودعمها لتحقيق هدفها المرحلي من دون المساس بحق العودة والتغيرات السياسية الدولية وتوازن القوى الدولي والمحلي وهي أمور متغيرة يمكن أن يحدث كل ذلك أثره خلال عقد أو عقدين في تكوين قناعة لدى الشارع “الإسرائيلي” لتقبل العيش المشترك على أسس من العدالة داخل فلسطين واحدة .
5- إنشاء مرجعية فلسطينية وعربية للحفاظ على حق العودة ومتابعة ملفه وفق الثوابت التي ذكرناها بحيث تكون هذه المرجعية هي المخولة لتحديد كيف وأين ومتى يتم طرح هذا الملف للحل النهائي .
وأخيراً فإن نجاحنا في تحقيق أمل العودة وتحويله الى واقع ملموس على الأرض فإن ثمة شروطاً مهمة لابد أن تتوفر:
1- استمرار المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها وفق ضوابط .
2- توافق فلسطيني يحافظ على المقاومة ويبقى باب التفاوض والعمل الدبلوماسي والعربي مفتوحاً .
3- توافق عربي لا يفرط بالثوابت والخروج من بيت الطاعة الأمريكي .
4- تغير في ميزان القوى العالمي نشهد بدايته الآن
بقلم : د . تيسير النابلسي
أمام إصرار الرأي العام العربي على التمسك بحق العودة ومحاولات الالتفاف عليها بطرحها كعناوين تفرغها من مضمونها، وبين التمسك اللفظي بالقرار 194 كشعار، واستبعاده كتطبيق، بين هذين الموقفين هناك حرب كامنة تطفو أحياناً وتخفت أحياناً، ولذلك فإن على الأمة أن تتابع بحذر ما يقال علناً وما يقال سراً وتكون جاهزة للمواجهة .الأمة وقادتها المخلصون مطالبون بهذه المرحلة بأن يشكلوا قناعة كاملة لا تتزعزع بأن العودة حق ثابت لا يجوز التنازل عنه، وممكن عملياً أن يتم تطبيقه وتنفيذه على الأرض وفي الواقع حتى لا يبقى حلماً .لا يكفي أن نقنع أنفسنا ونقنع الآخرين بحق العودة بل لابد أن نحدد لأنفسنا وللآخرين طريق العودة، وذلك يتطلب التعامل مع الواقع على الأرض وما أفرزه هذا الواقع من قناعات لدى الآخرين المؤثرين في القرار، أي أن نضع معادلة الحق بمواجهة الواقع للخروج بأسلوب يحمل طريق الحل. هذا يقودنا إلى العمل ووضع الحلول التي يمكن أن يتقبلها المجتمع الدولي بكافة مؤسساته وهيئاته بما لا يتعارض مع ثوابتنا بالتمسك بحق العودة طبقاً لما أكدته المواثيق الدولية وعلى رأسها قرارات الأمم المتحدة .
هذا الأمر يتطلب:
* أولا: تشكيل القناعة بحق العودة لدى الشعوب العربية والإسلامية ولدى الضمير العالمي والرأي العام الدولي والمؤسسات الانسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الدولية .
* ثانيا: آليات توضح طريق العودة بوضع حلول ومقترحات يمكن أن يتقبلها المجتمع الدولي، أي وضع معادلة الحق والواقع .
* ثالثاً: مخاطر طرح موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين لعام 48 الى وطنهم في أية محادثات تتم الآن لوضع حلول للقضية الفلسطينية مع العدو “الإسرائيلي” - توقيت الطرح - إذا لم تتوفر لدى المفاوضين القناعة التامة والثبات باعتبار التنازل عن هذا الحق أو الالتفاف حوله كما حصل في اتفاقية جنيف أو ما سمي وثيقة جنيف التي وقعها في جنيف ياسر عبد ربه ويوسي بيلين “الإسرائيلي” عام 2003م .
تشكيل القناعة بحق العودة
- مقاومة أي اتجاهات استسلامية بحكم الواقع المتردي الذي تمر به القضية الفلسطينية والشعور بالهزيمة بما ينعكس تنازلات أساسية تمس جوهر مشكلة عودة اللاجئين الفلسطينيين الى مناطق 1948م .
مثل هذه الاتجاهات موجودة لدى بعض قطاعات الشعب الفلسطيني وخاصة الذين انخرطوا بوهم عملية الحلول السلمية المطروحة على الساحة الفلسطينية والعربية طبقا لوثيقة جنيف .
ب - التوجه الى الدول والشعوب الغربية والولايات المتحدة وتوضيح أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ليست مشكلة انسانية أو اقتصادية فقط يمكن حلها بالمساعدات أو التوطين وإنما هي مفتاح الحل العادل للقضية الفلسطينية، وإذا كان الغرب حريصا فعلاً على شرق أوسط مستقر فلابد أن يحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي خلقها حلا عادلاً، والتركيز على أن الحقائق والاحصاءات التي يمكن استخلاصها من أحداث انتفاضة الأقصى والعمليات المسلحة التي تتم من جانب المقاومة الفلسطينية تنطلق في معظمها من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأن الجيلين الثالث والرابع من أبناء اللاجئين الفلسطينيين هما اللذن يقودان هذا العمل المسلح .
ج- إعداد شامل ومركز لأسانيد حق العودة باللغات العربية والانجليزية والفرنسية بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة وهيئاتها والمواثيق الدولية بما في ذلك اتفاقية لاهاي والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقية الدولية في شؤون الحقوق المدنية والسياسية لعام ،1966 والتركيز أيضاً على ما ورد في ميثاق نورمبرج الذي اعتبر أن التهجير عن الوطن من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية .
د- الاهتمام بتجميع وثائق وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين (الأونروا) المتمركزة في غزة والضفة الغربية وعمان وبيروت وجنيف، واعداد ملف اللاجئين الفلسطينيين المتعلق بالعودة والتعويض .
ه- استخدام كل الوثائق والمعلومات المتوفرة للقيام بحملة دولية اعلامية مركزة في العالم العربي وفي كافة أنحاء العالم وخاصة الولايات المتحدة والدول الغربية . وتوليد القناعة اللازمة لتحريك الرأي العام في الولايات المتحدة والغرب لطرح ملف اللاجئين الفلسطينيين عالمياً وبشكل مستمر .
و- أن نهيئ أنفسنا للصعوبة البالغة للقيام بهذه المهام وإعداد أنفسنا لذلك بالصبر والثبات والاستمرار .
أفكار ومشاريع حلول
إن تقديم أفكار وحلول أقرب إلى الواقعية يزيد في قناعة الآخرين بعدالة قضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض بحيث تكسب هذه القضية أصدقاء آخرين على نطاق واسع للتوجه العملي لحل هذه القضية .
العدو “الإسرائيلي” يصور للعالم أن تطبيق وتنفيذ حق العودة هما التفاف على فكرة القضاء على “إسرائيل” وشعبها وطرده من أرض فلسطين، ولمواجهة هذا المخطط “الإسرائيلي” الذي يجد له سنداً متزايداً في الولايات المتحدة والدول الغربية على مستوى الحكومات وأيضاً على مستوى الرأي العام فلا بد أن نطرح حلولاً واقعية متدرجة تهيئ الرأي العام الدولي لتقبل الحلول المتدرجة التي نطرحها كما يلي:
1- أن أرض فلسطين تتسع لتستوعب من يرغب من اللاجئين الفلسطينيين العودة للاقامة في فلسطين وثمة دراسة أولية موثقة قام بها المهندس د . سلمان أبو ستة أثبت فيها أن الأرض الفلسطينية قادرة على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في الشتات إلى جانب السكان المقيمين الآن من يهود وعرب ويمكن هنا التوسع في هذه الدراسة من كافة جوانبها السكانية والاقتصادية والاجتماعية .
2- إن استمرار الهجرة اليهودية الى فلسطين واستمرار العمل بقانون العودة الذي سنته الدولة الصهيونية يعرقل أي حل للمشكلة الفلسطينية ومشكلة اللاجئين وهو قانون عنصري وظالم ولا يتفق مع مبادئ العدالة ومواثيق وحقوق الانسان وينبغي على “إسرائيل” أن تلغيه وتشكيل رأي عام دولي ضد استمرار هذا القانون الظالم .
3- إن الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين الفلسطينيين تعرضوا الى مظالم بشعة حرمتهم من أبسط حقوق الحياة الآدمية وأنهم أكثر شعوب الأرض معاناة وأن سبب هذه المعاناة راجع إلى تشردهم وإقامة “إسرائيل” على أرضهم، وبالتالي فعلى “إسرائيل” أن تعلن عن اعتذارها للشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين والأجيال الثلاثة من جدود ومن آباء وأحفاد الذين ولدوا بالمنفى عن هدر حقوقهم وطردهم من أرضهم والمظالم التي أوقعتها بهم على مدار أكثر من خمسة عقود .
4- أن تعلن “إسرائيل” قبولها القرارات الدولية وخاصة القرار 194 لسنة 1948 وأنها مستعدة للالتزام بتطبيقه بالتنسيق مع ممثلي الشعب الفلسطيني والهيئات الدولية المعنية .
5- أن تشكل لجنة دولية تشرف عليها الأمم المتحدة لتطبيق القرار .
6- أن يتم تأسيس صندوق يجري تمويله أساساً من الأمم المتحدة والدول التي أسهمت بخلق واستمرار مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وبخاصة بريطانيا والولايات المتحدة و”إسرائيل” للانفاق على عمليات اعادة اللاجئين وتوطينهم داخل وطنهم واقامة متطلبات سكناهم وعملهم والمرافق الصحية والتعليمية اللازمة لذلك .
7- أن تحدد فترة زمنية لا تتجاوز العشرين عاماً لتنفيذ هذا القرار ضمن برنامج متدرج يأخذ بالحسبان توفير أماكن الاقامة والعمل للمجموعات الفلسطينية التي يتفق على عودتها .
8- أن تقوم هيئة دولية متخصصة في تحديد الأملاك والأراضي العائدة للفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة وتقييم عائداتها وإلزام “إسرائيل” بدفع عائداتها لأصحابها .
مراحل التنفيذ
المرحلة الأولى:
* أولاً: السماح لمن يرغب من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين حالياً داخل مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بالعودة إلى المناطق التي هجروا منها عام 1948 خلال فترة عشر سنوات .
* ثانياً: السماح لمن يرغب من الفلسطينيين الذي جرى طردهم وإبعادهم بعد عام 1967 من فلسطين من الضفة الغربية وغزة يقيم حالياً بالأردن بالعودة والاقامة في المناطق التي طردوا أو ابعدوا منها على أن يتم تنفيذ ذلك خلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات .
ثالثاً: السماح لمن يرغب من اللاجئين الفلسطينيين حالياً في لبنان بالعودة التدريجية النسبية الى المناطق التي هجروا منها خلال فترة عشر سنوات .
رابعاً: أن يسمع لكل فلسطيني يقيم خارج فلسطين ولا يرغب في الاقامة الدائمة في فلسطين الحق في الدخول والخروج والتنقل والتملك داخل فلسطين على أن يتم تنفيذ هذا الأمر خلال مدة خمس سنوات .
المرحلة الثانية:
أنه بعد انقضاء برنامج المرحلة الأولى تبدأ المرحلة الثانية التي تمتد إلى عشر سنوات أخرى حيث يمارس حق العودة للراغبين بذلك من اللاجئين المقيمين في بقية مناطق الشتات مع تعويضهم طبقاً لبرنامج المرحلة الأولى .
طرح بديل
بالتوازي مع الطرح السابق يمكن التفكير بحل الدولة الواحدة في حالة لم تصل الأمور الى حل الدولتين وفقاً لرؤية المبادرة العربية . بحلول بديلة تفرضها الطبيعة الجيوغرافية للأرض الفلسطينية والتوزيع السكاني والعوامل الاقتصادية على أرض فلسطين الكاملة حيث يتواجد الآن تقريباً خمسة ملايين يهودي من بينهم حوالي الثلث من اليهود العرب الذين عاشوا في فلسطين والدول العربية إضافة الى العرب الفلسطينيين المقيمين في فلسطين 48 إضافة الى الفلسطينيين العرب المقيمين في الضفة وغزة .
هدا التداخل السكاني الجغرافي والاقتصادي لا يمكن حله باستمرار الوضع الراهن بالسيطرة والاحتلال والقمع وسفك الدماء واستمرار المعاناة الإنسانية لكافة المقيمين على أرض فلسطين وبالتالي ينبغي أن يكون التوجه الى العالم والى الرأي العام “الإسرائيلي” في داخل فلسطين بأن الحل العادل الذي يضمن السلام والاستقرار والعدالة وتحقيق الأمن “للإسرائيليين” والفلسطينيين ممكن في إقامة دولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة يتعايش فيها العرب واليهود بالتمتع بحقوق وواجبات مواطنة كاملة ومتساوية تسود فيها الديمقراطية والحريات تفتح فيها الأبواب لكل من يرغب في العودة الى وطنه ليسهم في بناء دولة المساواة بعيداً عن أي أحقاد أو تمييز عنصري أو ديني أو طائفي .
إن الانطلاق في هذه الدعوى لدولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة يمكن أن يكون الحل الممكن إذا أراد المجتمع الدولي و”الإسرائيلي” العيش بسلام وطمأنينة بعيداً عن عوامل الحقد والكراهية وسفك الدماء وتدمير الأرض والإنسان .
إن تبني هذا الشعار “دولة واحدة على أرض فلسطين الكاملة” وطرحه أمام العالم لا سيما في داخل فلسطين التاريخية بكل اصرار وثبات وصبر واقتدار يؤدي إلى حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وخطوة الى الأمام في مسيرة العودة الى فلسطين .
المرحلة الثالثة: خطورة طرح مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في المفاوضات التي جرت وتجري إذا كنا غير قادرين وغير مستعدين للحفاظ على ثوابت حق العودة .
أ- الجانب الإنساني والأخلاقي في مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ومسؤولية العدو “الإسرائيلي” والغرب عموماً عن خلقها تشكل قوة ضاغطة إذا بقي هذا الملف مفتوحاً وأحسن إدارة هذا الملف كجزء من المواجهة للوصول الى الحل التاريخي العادل المنشود فلسطينياً وعربياً وإسلامياً .
ب- إن هذا الحق بقدر ما هو حق للشعب الفلسطيني كمجموع فهو حق لكل فرد فلسطيني وبالتالي لا يمكن لأحد التنازل عنه عبر أية اتفاقيات مهما كانت اطرافها تتم الآن بحيث يكون ثمن إنهاء الاحتلال للأرض المحتلة 1967 التنازل عن حق العودة .
ج- إن هذا الحق ومتابعته وعدم التفريط به هو نافذة النجاة التي سينفذ منها الشعب الفلسطيني والأمة العربية لتحقيق الحل التاريخي العادل للقضية بعد أن جعلت اتفاقيات أوسلو وما تلاها سقف المطالبات الفلسطينية هو دحر الاحتلال “الإسرائيلي” عن الأراضي المحتلة عام 1967 كباب للحل المرحلي للقضية الفلسطينية .
د- في المدى المنظور وفي ظل اختلال موازين القوى والتأييد اللامحدود للعدو “الإسرائيلي” من جانب القوة العظمى وفي ظل الضعف والهوان العربي ينبغي ألا نسمح لأية تسوية سياسية لاحتلال عام 67 لتكون على حساب اغتصاب عام 1948 . وإذا كانت ثمة صعوبات بالغة التعقيد أمام الوصول الى حل الحد الأدنى لتحقيق الاستقلال الوطني ودحر الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام ،67 بما فيها القدس كعاصمة، لهذه الدولة فإن التفاوض على حل الحد الأدنى مرتبط بالثبات على حق العودة وحرصاً على ابقاء هذا الحق بعيداً عن أي مساومة أو تفريط أو الخروج بحل مشروط والالتفاف عليه كما فعلت وثيقة جنيف وضرورة ابقاء هذا الحق متوهجاً وملفه مفتوحاً على مصراعيه على مستوى الأفراد والجماهير والمنظمات الفلسطينية والعربية والدولية والإصرار على متابعة ما يلي:
1- رفض التوطين للاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين مقابل التنازل عن حق العودة لهم .
2- فتح ملف عودة اللاجئين على مصراعيه على مستوى العالم وأمام المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والسلام العالمي واستمرار التحرك الجماهيري داخل وخارج فلسطين للمطالبة بهذا الحق .
3- استمرار القيام بحملات إعلامية مكثفة ومدروسة ومدعومة بالوثائق والمستندات من الزوايا القانونية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية وإعداد ملف كامل بهذا الخصوص على المستوى الفلسطيني والعربي الإعلامي على التفصيل السابق .
4- إن مضي الزمن والأحداث على الأرض وثبات الموقف الفلسطيني والدعم العربي والإسلامي واستمرار المقاومة ودعمها لتحقيق هدفها المرحلي من دون المساس بحق العودة والتغيرات السياسية الدولية وتوازن القوى الدولي والمحلي وهي أمور متغيرة يمكن أن يحدث كل ذلك أثره خلال عقد أو عقدين في تكوين قناعة لدى الشارع “الإسرائيلي” لتقبل العيش المشترك على أسس من العدالة داخل فلسطين واحدة .
5- إنشاء مرجعية فلسطينية وعربية للحفاظ على حق العودة ومتابعة ملفه وفق الثوابت التي ذكرناها بحيث تكون هذه المرجعية هي المخولة لتحديد كيف وأين ومتى يتم طرح هذا الملف للحل النهائي .
وأخيراً فإن نجاحنا في تحقيق أمل العودة وتحويله الى واقع ملموس على الأرض فإن ثمة شروطاً مهمة لابد أن تتوفر:
1- استمرار المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها وفق ضوابط .
2- توافق فلسطيني يحافظ على المقاومة ويبقى باب التفاوض والعمل الدبلوماسي والعربي مفتوحاً .
3- توافق عربي لا يفرط بالثوابت والخروج من بيت الطاعة الأمريكي .
4- تغير في ميزان القوى العالمي نشهد بدايته الآن
عبدالله سلايمة- المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 24/09/2009
مواضيع مماثلة
» تعريف حق العودة
» هل العودة ممكنة
» الدولة الفلسطينية وحق العودة
» رؤية فلسطينية لموضوع حق العودة
» حق العودة والتعويض معاً وليس أحدهما
» هل العودة ممكنة
» الدولة الفلسطينية وحق العودة
» رؤية فلسطينية لموضوع حق العودة
» حق العودة والتعويض معاً وليس أحدهما
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى