وطنٌ ... ليس على وتر

من طرف صلاح صبحية الأحد سبتمبر 27, 2009 5:56 am

وطنٌ ... ليس على وتر
بقلم : صلاح صبحية

وطنُُ ، وأي وطن ، لكل فلسطيني منا وطن ، وطني ليس وطنك ، ووطنك ليس وطنه ، ليست أحجية ما أقول ، لكنها الحقيقة المرّة القاتلة لوطن لم يبقَ منه سوى اسمه نعزفُ عليه ، وطنٌ اسمه فلسطين يمتد من البحر إلى النهر هو وطن اللاجئين الفلسطينيين الذين ينشدون العودة إلى مدنه التي تسمى يافا وحيفا وعكا وصفد واللد والرملة ، ووطنٌ اسمه فلسطين يجمع ما بين الضفة والقطاع لا يعرفُ أهله الجليلَ والمثلثَ والنقبْ ، ووطنٌ ينحصر في القطاع لا ترتفع في سمائه أعلامُ فلسطين ، فهذا الوطن نسيجه استبرقٌ ورياحينٌ ، فلا يعنيه سوى الولاء للإخوان المسلمين حيث يُذبح الخوارج في المساجد وهم يصلون 0
هل ضاع منا الوطنُ أم نحن أضعنا الوطنَ يومَ عاد العائدون إلى( الجزء المتاح من أرض الوطن ) كما يحلو لشاعرنا أحمد دحبور أن يسمي الضفة والقطاع ، لأنه من حيفا التي تستلقي على شاطىء البحر الأبيض المتوسط تنتظر عودة الأبناء إليها بكل شوقٍ وحنين ، نعم أضعنا الوطن الكبير والكبير جداً في أعين أبناء فلسطين وأعين الإشقاء العرب ، فقد كان الوطن الفلسطيني الممتد من البحر إلى النهر يمتد من المحيط إلى الخليج ، ولكن بعد العودة المجزوءة أصبح الوطن الفلسطيني جزراً متقطعة الأوصال في الضفة الحبيبة ،وقطعةً مسلوبةً من بعض الخلفاء والأمراء والولاة في القطاع العزيز ، فأضعنا الجزء المتاح من أرض الوطن يا أحمد دحبور فلم نستطع القبض على الجمر حتى يبقى الوطن الفلسطيني يمتد من المحيط إلى الخليج ، بل راحت أيدينا تقبض على حفنات من الدولارات ترمى فوق رؤوس الطغاة منا لكي يصبحَ الوطنُ ذلٌ ،وجاهٌ مزيفٌ ، وسيارةٌ تفسح لها الطرقات أينما سارت، وسكنٌ كأنه سراي الباشا والبيك والحكمدار يُسبُّ فيه الوطن وتغني فيه أم كلثوم ( دارت الأيام ) ، نعم دارت الأيام وأصبحَ القابضُ على وطنه الممتد من البحر إلى النهر كالقابض على جهنم بين يديه ، بل أصبح يُتهم بالجنون فكيف نرفضَ أولادَ العمومةِ اليهودَ يسكنون أرضهم لا أرضنا ، وكيف نعصي أوامر الأمريكان المالكين القرار في كل مكان على هذه الأرض وهم أصحابُ كلَّ المشاريع على أرض فلسطين الممتدة من البحر إلى النهر 0
أوطاننا الفلسطينية المتعددة مطلوبٌ منها أن تتخلى عن أوتارها التي تعزف عليها ليل نهار ، وكلَّ ما تعزفه نشاز ، فالعازف فلسطيني والملحن عربي وكاتب الكلمات أمريكي ، فلا سلمت أيدينا ونحن نمزق الوطن إلى أوطان ، ولا بارك الله فينا ونحن نراهن على الأمريكان والفرس والرومان لكي يعيدوا لنا اسم الوطن الذي كان اسمه فلسطين ، فأسماؤنا أصبحت ضفاوي وغزاوي ولاجىء وعرب 48 ، أما فلسطين فلتذهب إلى الجحيم ، فلسطين ما عادت تسمى فلسطين يا أيها الراحل الكبير محمود درويش ، وأصبحت تسمى اليوم (اسرائيل ) ، فأي وطن ٍ من أوطاننا المتعددة هو على وتر ، لا وطن على وتر ، ولا وتر يعزف لحن الوطن ، مزقنا الوطنَ ، وطوينا الجليل على النقب وأودعناهما لدى كتاب التاريخ ، لعلً أحفادَ احفادِ الأحفاد يفتشون وينقبون ويكتشفون بأنه كان لهم ماضٍ وكان لهم وطن لعلّ اسمه فلسطين ، ألم نمزق الوطن وندفن الضفة منه في مقبرة الاستيطان ونحن نتسول ونبوس الأيدي والأرجل ونلحس 0000 ونصرخ صباح مساء أبقوا لنا بعضاً من أرضنا التي هي أرضكم حتى لا يكتشف الأحفاد أننا كنا كرماء معكم فوهبناكم أرضنا وعرضنا ومالنا وسماءنا وماءنا وهواءنا ولم نبق ِ لنا إلا أسماءنا ، فتكون اللعنة منهم نصيبنا ، لا نريد اللعنة من أحفادنا ولكنا نريد الرضى منكم ، ونحن الواقفون على الأرض قلنا لهم ، أولى لكم من أن يبتلع البحرغزة نغرقها لكم ببحر من الدماء ، ألم يأمرنا الله بذبح الأبناء ، ونحن ولاة المسلمين والحاكمون بأمر الله في غزة هاشم ، ونحن أولى بأن تسيل دماء أهل غزة بين أيدبنا من أن تذهب لحيتان البحر، فأقيموا لنا عرش إمارتنا نحكم فيها بأمر من الله حتى لاينطلق من أعماق البحار صوت يونس لا إله إلا أنت ربي إني كنت من الظالمين0
وطنٌ على وطن ، لا يولد وطنٌ من وطن ، ولا وطن يعزف على وتر ، لكنها الأوتار كلها تطلق نشيد الوطن ،
فمتى نخرج من قماقمنا نمزقها ونسكن وطناً مساحته كل الوطن ، ونعود إلى وطن هو للإجداد والأبناء والأحفاد، وطنٌ هو عين جالوت وحطين وصلاح الدين ، وطنُ هو عكا وحيفا ويافا وعسقلان وغزة ورفح وصفد والناصرة واللد والرملة ونابلس وجنين والخليل وبيت لحم والقدس سيدة العواصم في زمن عـزّ أن يكون فيه عواصم ، فتعالوا نموت واقفين ولا نركع ، فالوطن في قلوبنا وفي عقولنا وفي مقل عيوننا ، ولنشدّ حبل الوطن إلينا جميعاً ، فلا وطن لواحد منا ، الوطن لنا جميعا وكلنا للوطن ،فلنمزق راياتنا الصفراء والخضراء والحمراء والسوداء والبيضاء ولنرفع راية الوطن فلا راية تعلو فوق راية الوطن ، ولنكن جميعاً قيثارة للوطن وأنشودة للوطن ، فوطني ليس على وتر 0

حمص في 17/9/2009 صلاح صبحية