حركة "فتــح " الجدلية الدائمة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حركة "فتــح " الجدلية الدائمة
حركة "فتــح " الجدلية الدائمة
بقلم : صلاح صبحية
دخلت " فتح " إلى قاعة المؤتمر العام السادس بعد عشرين عاما مضت على مؤتمرها الخامس ، ولم يكن دخول " فتح " قاعة المؤتمر السادس سهلاً ، بل كان من الصعوبة بحيث راحت التنبؤات والتقديرات تقول أنّ" فتح " تعاني أزمات عديدة ربما تنهيها كحركة تحرر وطني ، فقد كان واضحاً الاشتباك بين أعضاء المؤتمر وهم يلجون باب قاعة المؤتمر ، فالأعصاب مشدودة ، والنقاشات ساخنة عاصفة ، والكل يريد الكل ، لا أحد يريد أن يتخلى عن " فتح " ، لأنهم جميعاً يريدون النهوض بحركتهم الرائدة وإن اختلفت الآراء والمواقف فيما بينهم ، وافتتح المؤتمر بصوت متوتر من قبل رئيس اللجنة التحضيرية ، وقد شاب التوتر قاعة المؤتمر ، وكأن أعضاء المؤتمر دخلوا قاعة المؤتمر ليصلوا إلى نتائج المؤتمر مع إعلان افتتاح المؤتمر ، ولكن ما أن هدأت النفوس ، وأصبح انعقاد المؤتمر حقيقة واقعة على الأرض أدرك أعضاء المؤتمر أنّ ثلاثة أيام لمؤتمر غاب عشرين عاماً لا تكفي ليلتقط الواحد منهم أنفاسه ، فالملفات ساخنة ، والكل يريد مناقشة كل الملفات ، إنّها " فتح " الجدلية الدائمة منذ أن أطلقت الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية في الفاتح من كانون الثاني عام 1965، فكان الجدل ساخناً عاصفاً حول هوية " فتح " وحول توقيت انطلاقتها المسلحة ، إنها " فتح " التي أطلقت برنامجها الاستراتيجي الذي يدعو إلى إقامة دولة فلسطين الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني ، فإذا بالجدل يحتدم حول البعد الإنساني في مبادىء وأهداف وأسلوب حركة " فتح " وهل نحن في صراع مع اليهودية كدين سماوي ، أم نحن في صراع مع الحركة الصهيونية كحركة عنصرية استعمارية استيطانية ، وبعد حرب تشرين 1973 وفي عام 1974 تطلق " فتح " ومن داخل قاعة المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر أو ما سمي ببرنامج السلطة الوطنية الذي تحول فيما بعد إلى برنامج الدولة الفلسطينية المستقلة ، ودار على أثر ذلك جدل واسع في الساحة الفلسطينية والساحة العربية حول رؤية " فتح " بإمكانية التعامل مع قرارات الشرعية الدولية التي أقرها المجتمع الدولي ، واستطاعت " فتح " أن تحقق الشرعيات الثلاث الفلسطينية والعربية والدولية ، وكان الحصول على هذه الشرعيات الثلاث مكان جدل في الساحات الفلسطينية والعربية والدولية ، إنّها " فتح " الجدلية الدائمة ، هذه الجدلية التي حوّلت الحجارة الفلسطينية إلى سلاح قوي وفعّال بأيدي أطفال وأشبال فلسطين من خلال انتفاضة الحجارة التي أطلقت إعلان الاستقلال في 15/11/1988 والتي أوصلتنا للجلوس في قاعة مؤتمر مدريد وإن كان ضمن الوفد الأردني الذي انسلخنا عنه في مفاوضات الكاريدور في واشنطن وأصبح لنا مسار مفاوضات مع العدو الصهيوني إلى جانب المسارات الأخرى ، ولكنّ " فتح " التي رأت إنّ الباب مسدود في وجه مفاوضات واشنطن ، أخذت على عاتقها بدأ مفاوضات سريّة أدت إلى إعلان اتفاق المبادىء أو ما سمي اتفاق أوسلو الذي جعل الشعب الفلسطيني يضع يده على قلبه وهو يرى هذه الهجمة السياسية من قبل " فتح " باتجاه العدّو الصهيوني ، فإذا بالجدل الفلسطيني والعربي والدولي يحتدم في كل مكان حول اتفاق أوسلو الذي استطاعت أن تصنع منه " فتح " حصان طروادة الفلسطيني الذي حمل معه الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى أرض الوطن ، وانتقلت القيادة الفلسطينية العملياتية إلى أرض الوطن ، إنّها " فتح " تثير الجدل من جديد وهي قد أصبحت على أرض الوطن ، مغامرة بحجم مغامرة إطلاق الرصاصة الأولى قبل نحو ثلاثين عاماً ، من يتحمل مسؤوليتها سوى " فتح " ، وحدها " فتح " تحملت مسؤولية بناء السلطة الوطنية الفلسطينية بينما هي تتعرض للمزيد من الهجوم والانتقاد والاتهام ، فاتهام " فتح " ومنذ انطلاقتها لم ينتهي ولم يتوقف حتى هذه اللحظة ، ولكن " فتح " التي سلكت كل المسالك وخبرت كل الدروب وقادت نضال الشعب الفلسطيني من خارج أرض الوطن،ها هي تفجّر انتفاضة الأقصى بعد أن راح العدّو الصهيوني يتهرب من استحقاقات اتفاق أوسلو ، هذه " فتح " التي قالوا عنها بعد اتفاق أوسلو أنّها تخلت عن المقاومة فإذا بها تبدع وسائل جديدة للمقاومة كانت ساحتها الأولى المسجد الأقصى ، حتى أنّ انتفاضة الأقصى أوجدت جدلا في الساحة الفلسطينية ، هذه الانتفاضة التي استطاعت أن تزاوج بين العمل المسلح والعمل الجماهيري ، وأدت إلى حصار القائد الرمز أبو عمّار في المقاطعة برام الله ، تجربة جديدة يخوضها قائد " الفتح " وهو يرى باب مكتبه وقد ألصقت به العبوات الناسفة ، واحتدم الجدل كيف ستتصرف " فتح " ، فإذا بـ " فتح " الجدلية الدائمة تبدع لنا سلاحاً جديداً في مقاومة الاحتلال ، أنه سلاح أدوات المطبخ ، في مسيرة انطلقت لشبيبة " فتح " من كافة أنحاء رام الله باتجاه القائد المحاصر في المقاطعة ، هذه المسيرة التي كانت تحمل الطناجر والصحون والملاعق ، أنّه سلاح جديد ترفعه " فتح " في وجه الاحتلال ، مجنونة " فتح " أبالطناجر والصحون والملاعق تريد أن تبطل مفعول المتفجرات التي وضعت على باب مكتب القائد ، استطاع هذا السلاح الجديد أن يوقف الهجمة الشرسة لقوات الاحتلال على المقاطعة ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة في الزمان والمكان والحدث ، ويمضي القائد شهيداً ، ويعود الجدل حول " فتح " من جديد ، من يقود " فتح " ؟ ولكنّ " فتح " العملاقة مارست العملية الدستورية بشكل طبيعي وانتقلت قيادة الحركة إلى الأخ أبو مازن كما انتقلت إليه رئاسة منظمة التحرير ، وانتقلت إليه انتخاباً رئاسة السلطة الوطنية ، كما أنّ " فتح " أوجدت جدلية انتخابات المجلس التشريعي ونتائجها التي أوصلت حركة حماس إلى مقاعد السلطة ، فأعطت " فتح " درساً في الديمقراطية أبهر العدو قبل الصديق ، شفافية ونزاهة وانتقال سليم للسلطة من " فتح " إلى حماس 0
ولكنّ " فتح " التي عاشت كل هذه التجارب من أجل فلسطين حرّة عربية نست ذاتها وعاشت أزمتها الداخلية وأصابها الإنفلاش التنظيمي والفلتان السياسي لأنها كانت وما زالت ترى في ذاتها وسيلة لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني ، فلم تلتفت " فتح " إلى وضعها السياسي والتنظيمي إلا بعد فوات الأوان ، وبعد أن أوجدت جدلية جديدة في الساحة الفلسطينية عندما لم تنجر إلى حرب أهلية فلسطينية أرادتها لها حماس ، فآثرت الهزيمة على سيل الدماء الفلسطينية في الشوارع ، فلم تسمح لنفسها بأخذ مواقع الهجوم ضد الآخرين ، بل آثرت اتقاء ضربات الآخرين مما جعلها مكان جدل في الشارع الفلسطيني ، وبعد أن أصبح بيتها أوهن من بيت العنكبوت ، كان لابدّ من الإصرار على عقد المؤتمر العام السادس للحركة والذي كانت التحضيرات قد بدأت له منذ خمس سنوات ،ولكنّ "فتح " لم تستطع تهيئة الظروف لانعقاد المؤتمر ، هذا المؤتمر الذي كان يتطلب إعادة بناء التنظيم وخاصة على أرض الوطن وبعد انتخابات المجلس التشريعي ونتائجه ، ولكنّ الإصرار على عقد المؤتمر من قبل غالبية أبناء الحركة جعل " فتح " أمام وجوب أن تؤدي استحقاق عقد المؤتمر للنهوض بحركة " فتح " التي أصابها الوهن والضعف ، فأُعيد ترتيب البناء التنظيمي بالقدر الممكن سواء في داخل الوطن أو خارجه ،وساد جدل ساخن حول تحديد مكان وزمان انعقاد المؤتمر داخل " فتح " وخارج " فتح " ولكن النتيجة أن أصبحت " فتح " داخل قاعة المؤتمر في بيت لحم مدينة المحبة والسلام وإن برزت بعض المنغصات ممن كان يريد انعقاد المؤتمر خارج أرض الوطن 0
لكنّ السؤال الذي خيّم على الجميع داخل " فتح " وخارجها ، ومن قبل الأعضاء والأشقاء والأصدقاء وحتى الأعداء ، ماذا نريد من مؤتمر " فتح " السادس ؟ فقد كان الأعضاء والأشقاء والأصدقاء يريدون من مؤتمر " فتح " النهوض بالحركة في كافة مجالاتها والعودة إلى قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بشكل لا يضع أي علامة استفهام حول العمل اليومي لحركة " فتح " ، بينما أراد الأعداء من المؤتمر أن تنغمس " فتح " في مزيد من المحسوبية والشخصنة والفساد يؤدي بها إلى مزيد من التنازل أمام العدو بحيث تبدو " فتح " وكأنّها قد تخلت عن مبادئها وأهدافها وأسلوبها من أجل حفنة من الدولارات ، أذاً كان الهدف من عقد المؤتمر العام السادس لحركة " فتح " هو النهوض بالحركة ، فهل كان سير أعمال المؤتمر يخدم الهدف العام للمؤتمر ؟
لم يكن هذا المؤتمر مؤتمراً عادياً ، سواء كان من حيث مكان الانعقاد الذي أوجد جدلاً عاصفاً حتى قبيل انعقاده بساعات ، فهو المؤتمر الأول لحركة " فتح " الذي ينعقد على أرض الوطن وغالبية أعضائه من أرض الوطن بينما كان الشتات مهمشاً إلى أبعد الحدود ، ولا من حيث عدد أعضاء المؤتمر الذي كان يتزايد حتى أثناء انعقاد المؤتمر ، بل وأكثر من ذلك أصبح يحق للجنة المشرفة على المؤتمر وبعد انتهاء المؤتمر أن تضيف أعضاءً جدد إلى المؤتمر وعلى حساب أقاليم الشتات ، وهذه ظاهرة لم تشهدها مؤتمرات " فتح " السابقة ، ولم تشهدها أي من المؤتمرات الفلسطينية والعربية بأن ينعقد مؤتمر دون تحديد عدد أعضائه ، وهذا الأمر أثار جدلا ساخناً داخل " فتح " وخاصة في أقاليم الشتات ، إنها حركة " فتح " الجدلية الدائمة 0
إنّ عشرين عاماً من النضال وعلى جميع الجبهات بما فيها إحداث جبهة فلسطينية داخلية لم نكن نرغب بوجودها كان يتطلب من اللجنة المركزية أن تقدم تقريراً شاملاً عما حدث خلال عقدين من الزمان تبرز فيه أين نجحنا وأين أخفقنا ، ولكن كانت المفاجأة لأعضاء المؤتمر أنّه لا يوجد تقارير عن العشرين سنة الماضية ، وكأنّ هذا الزمن قد سقط من حسابات اللجنة المركزية ، بل أنً الذي حصل عندما احتدم النقاش هو خروج أعضاء اللجنة المركزية من قاعة المؤتمر لأنهم كانوا غير قادرين وغير مؤهلين للإجابة على السؤال الكبير أين التقارير ؟؟؟؟؟ وأمام هذه العاصفة من الغضب داخل المؤتمر جاء الأخ أبو مازن لينقذ الموقف عارضاً على المؤتمر اعتبار كلمته في جلسة افتتاح المؤتمر هي تقرير اللجنة المركزية ولكن هذا الرأي زاد قاعة المؤتمر سخونة برفضه من قبل بعض الأعضاء ، فلا يعقل أن يكون خطاب رئيس السلطة هو تقرير اللجنة المركزية عن أعمالها في فترة سابقة ، ولأنّ مناقشة التقارير فيما إذا وجدت كان سيؤدي إلى أزمة داخل المؤتمر وداخل الحركة ، وللخروج من هذا المأزق ، مأزق الحساب والمحاسبة للجنة المركزية بشكل مباشر ووجهاً لوجه أشار الأخ أبو مازن أنّ صناديق الاقتراع هي مكان الحساب والمحاسبة ، وهذا أوجد جدلاً ساخناً داخل المؤتمر وداخل الحركة ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة
واستطاع المؤتمر من خلال لجانه الثمانية عشرة لجنة أن يناقش أمور الحركة جميعها ، وأن يصل إلى الإعلان السياسي الذي أكد على ''حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال بكل الاشكال وفق القانون الدولي بما فيها الكفاح المسلح''. وهذا تأكيد على أنّ حركة " فتح " ما زالت حركة تحرر وطني ، وهذا ما أكده المؤتمر عندما قال :أنها تتمسك بكونها حركة تحرر وطني تهدف إلى إزالة ودحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال للشعب الفلسطيني، وهي جزء من حركة التحرر العربية ومن جبهة القوى العالمية الساعية إلى حرية واستقلال الشعوب.وأنّ المقاومة حق مشروع لشعبنا في مقاومة الاحتلال ، وأنّه حيث يوجد الاحتلال توجد المقاومة ، فالمقاومة ليست سبباً ، بل أنّ المقاومة هي نتيجة للاحتلال ، ومن واجب الشعب الذي تحتل أرضه أن يقاوم الاحتلال بكل ما هو متاح أمامه، وهذا ما أكده البرنامج السياسي ''خيار الكفاح المسلح هو احد اساليب النضال واشكاله وينطلق النضال من حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والاستيطان والطرد والترحيل والتمييز العنصري وهو حق تكفله الشرائع والقوانين الدولية'' ، وهذا ما أوجد جدلا أيضا على الساحة الفلسطينية ، هل تعود حركة " فتح " لممارسة الكفاح المسلح ؟ ولكن نسأل : متى أعلنت " فتح " تخليها عن الكفاح المسلح ، إنها "فتح " التي آمنت بمبدأ بندقية الثائر بيد والغصن الأخضر باليد الأخرى فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يد " فتح " لأنّ البندقية لا يمكن إسقاطها من يد " فتح " ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة0
كما أن المؤتمر لم يتخلى عن حق العودة وقد أكد على ذلك في أكثر من موضع بقوله " وحق لاجئيه في العودة والتعويض'' وفي قوله في موضع آخر ” ضرورة تحقيق حل عادل لمشكلة اللاجئين استنادا الى القرار 194 وفتح تتمسك بحق اللاجئين في العودة والتعويض واستعادة الممتلكات وبوحدة قضية اللاجئين دون النظر لاماكن تواجدهم''. وكثيرا ما كانت " فتح " تتهم بأنها تخلت عن حق عودة اللاجئين ، ونسي من يوجهون التهم لحركة " فتح " أنّها إنطلقت من مخيمات اللاجئين في الشتات ، وأنّ قضية اللاجئين هي القضية المركزية لحركة " فتح " التي رفض قائدها الشهيد ياسر عرفات التنازل عن هذا الحق في كمب ديفيد ، هي جدلية أخرى ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة 0
وحركة " فتح " التي مارست الكفاح المسلح ليس حباً في القتل والتدمير وإنما من أجل الوصول إلى حقوقنا كاملة فوق أرض فلسطين ، ولذلك اعتمدت " فتح " مبدأ ( الكفاح المسلح يزرع والنضال السياسي يحصد ) ولذلك مارست " فتح " أسلوب المفاوضات ، هذه المفاوضات التي طغت على كل أشكال المقاومة ولم تؤتِ أًكلها ، لذلك أكد المؤتمر على أنه لا يمكن الذهاب بالمفاوضات إلى مالا نهاية وأنّ الخيارات الأخرى قائمة وموجودة لدى " فتح " وهي ضرورة ''طرح بدائل اذا تعذر المضي قدما في المفاوضات الحالية (مع اسرائيل) بما في ذلك طرح فكرة الدولة الديمقراطية الموحدة التي ترفض العنصرية والهيمنة والاحتلال''. وهناك خيار آخر هو ''العودة الى اعلان قيام الدولة على حدود 1967 (... ) والعمل على تصعيد حملة دولية لمقاطعة اسرائيل بالاستفادة من تجربة جنوب إفريقيا (...) والعودة الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتحميلهما مسؤولياتهما في حل الصراع وإنهاء الاحتلال''. أنها " فتح " الجدلية الدائمة 0
وحركة " فتح " استطاعت ومن خلال قياداتها في اللجنة المركزية أو المجلس الثوري أن تمارس مبدأ المحاسبة والعقاب ، لقد جاءت نتائج الانتخابات نتيجة حتمية لواقع اللجنة المركزية الضعيف والهزيل ، ولهذا شهدت عملية الانتخابات إقبالاً على الترشيح في اللجنة المركزية أو المجلس الثوري وهذا نتيجة لتدافع الأجيال وغياب المؤتمرات في حركة " فتح " ، ولقد كانت عملية الانتخابات ذو شفافية عالية وعملاً نموذجيا ً يسجل لحركة " فتح " التي مارست الديمقراطية بكل أبعادها ، أليست هي " فتح " التي كانت تفتخر من خلال قائدها التاريخي " ياسر عرفات " بالديمقراطية الفلسطينية في غابة البنادق ، وهذه ديمقراطية " فتح " الفريدة من نوعها على الساحتين الفلسطينية والعربية أفرزت لجنة مركزية جديدة مهمتها النهوض بحركة " فتح " قائدة وحامية المشروع الوطني الفلسطيني وذلك من خلال إعادة البناء التنظيمي للحركة ومن خلال إعادة ترتيب العلاقة ما بين حركة " فتح " وما بين السلطة ، وهذا لا يعني أن تتخلى حركة " فتح " عن السلطة الفلسطينية ، فحركة " فتح " من الخطأ أن تمارس دور حزب السلطة وفي نفس الوقت لا يمكن لفتح أن تنأى بنفسها عن السلطة ، لأنّ فتح هي صاحبة مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية ، وعلى المراقبين جميعا فلسطينياً وعربياً ودولياً أن لا ينظروا إلى اللجنة المركزية الجديدة كأفراد وأشخاص ، بل النظر إليها كلجنة كاملة متكاملة ، ، فكل واحد في اللجنة المركزية هو فتح ، ولكن فتح ليست أي واحد في اللجنة المركزية 0
و لقد أدرك أعضاء المؤتمر وكوادر" فتح " أن حركتهم ما زالت هي النقيض الرئيس للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني علي أرض فلسطين , وفتح هي التي تخلق الجدلية الوطنية في كافة مراحل النضال , وهي مازالت قائدة المشروع الوطني حتى يتم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بحدود الرابع من حزيران وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أخرجوا منها عام 1948 تنفيذاً للقرار 194 وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال ، إنها جدلية النضال الفلسطيني ، إنها حركة " فتح " الجدلية الدائمة 0
ولقد خرجت " فتح " من قاعة المؤتمر هادئة الأعصاب ترنو إلى حلمها الفلسطيني وقد تحقق وفي نفس الوقت تستعد لعقد مؤتمرها السابع في وقته المحدد ، فالمؤتمر السادس هو المؤتمر التمهيدي للمؤتمر السابع كما ينظر إليه أبناء حركة " فتح " 0
حمص في 14/8/2009 صلاح صبحية
بقلم : صلاح صبحية
دخلت " فتح " إلى قاعة المؤتمر العام السادس بعد عشرين عاما مضت على مؤتمرها الخامس ، ولم يكن دخول " فتح " قاعة المؤتمر السادس سهلاً ، بل كان من الصعوبة بحيث راحت التنبؤات والتقديرات تقول أنّ" فتح " تعاني أزمات عديدة ربما تنهيها كحركة تحرر وطني ، فقد كان واضحاً الاشتباك بين أعضاء المؤتمر وهم يلجون باب قاعة المؤتمر ، فالأعصاب مشدودة ، والنقاشات ساخنة عاصفة ، والكل يريد الكل ، لا أحد يريد أن يتخلى عن " فتح " ، لأنهم جميعاً يريدون النهوض بحركتهم الرائدة وإن اختلفت الآراء والمواقف فيما بينهم ، وافتتح المؤتمر بصوت متوتر من قبل رئيس اللجنة التحضيرية ، وقد شاب التوتر قاعة المؤتمر ، وكأن أعضاء المؤتمر دخلوا قاعة المؤتمر ليصلوا إلى نتائج المؤتمر مع إعلان افتتاح المؤتمر ، ولكن ما أن هدأت النفوس ، وأصبح انعقاد المؤتمر حقيقة واقعة على الأرض أدرك أعضاء المؤتمر أنّ ثلاثة أيام لمؤتمر غاب عشرين عاماً لا تكفي ليلتقط الواحد منهم أنفاسه ، فالملفات ساخنة ، والكل يريد مناقشة كل الملفات ، إنّها " فتح " الجدلية الدائمة منذ أن أطلقت الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية في الفاتح من كانون الثاني عام 1965، فكان الجدل ساخناً عاصفاً حول هوية " فتح " وحول توقيت انطلاقتها المسلحة ، إنها " فتح " التي أطلقت برنامجها الاستراتيجي الذي يدعو إلى إقامة دولة فلسطين الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني ، فإذا بالجدل يحتدم حول البعد الإنساني في مبادىء وأهداف وأسلوب حركة " فتح " وهل نحن في صراع مع اليهودية كدين سماوي ، أم نحن في صراع مع الحركة الصهيونية كحركة عنصرية استعمارية استيطانية ، وبعد حرب تشرين 1973 وفي عام 1974 تطلق " فتح " ومن داخل قاعة المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر أو ما سمي ببرنامج السلطة الوطنية الذي تحول فيما بعد إلى برنامج الدولة الفلسطينية المستقلة ، ودار على أثر ذلك جدل واسع في الساحة الفلسطينية والساحة العربية حول رؤية " فتح " بإمكانية التعامل مع قرارات الشرعية الدولية التي أقرها المجتمع الدولي ، واستطاعت " فتح " أن تحقق الشرعيات الثلاث الفلسطينية والعربية والدولية ، وكان الحصول على هذه الشرعيات الثلاث مكان جدل في الساحات الفلسطينية والعربية والدولية ، إنّها " فتح " الجدلية الدائمة ، هذه الجدلية التي حوّلت الحجارة الفلسطينية إلى سلاح قوي وفعّال بأيدي أطفال وأشبال فلسطين من خلال انتفاضة الحجارة التي أطلقت إعلان الاستقلال في 15/11/1988 والتي أوصلتنا للجلوس في قاعة مؤتمر مدريد وإن كان ضمن الوفد الأردني الذي انسلخنا عنه في مفاوضات الكاريدور في واشنطن وأصبح لنا مسار مفاوضات مع العدو الصهيوني إلى جانب المسارات الأخرى ، ولكنّ " فتح " التي رأت إنّ الباب مسدود في وجه مفاوضات واشنطن ، أخذت على عاتقها بدأ مفاوضات سريّة أدت إلى إعلان اتفاق المبادىء أو ما سمي اتفاق أوسلو الذي جعل الشعب الفلسطيني يضع يده على قلبه وهو يرى هذه الهجمة السياسية من قبل " فتح " باتجاه العدّو الصهيوني ، فإذا بالجدل الفلسطيني والعربي والدولي يحتدم في كل مكان حول اتفاق أوسلو الذي استطاعت أن تصنع منه " فتح " حصان طروادة الفلسطيني الذي حمل معه الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني إلى أرض الوطن ، وانتقلت القيادة الفلسطينية العملياتية إلى أرض الوطن ، إنّها " فتح " تثير الجدل من جديد وهي قد أصبحت على أرض الوطن ، مغامرة بحجم مغامرة إطلاق الرصاصة الأولى قبل نحو ثلاثين عاماً ، من يتحمل مسؤوليتها سوى " فتح " ، وحدها " فتح " تحملت مسؤولية بناء السلطة الوطنية الفلسطينية بينما هي تتعرض للمزيد من الهجوم والانتقاد والاتهام ، فاتهام " فتح " ومنذ انطلاقتها لم ينتهي ولم يتوقف حتى هذه اللحظة ، ولكن " فتح " التي سلكت كل المسالك وخبرت كل الدروب وقادت نضال الشعب الفلسطيني من خارج أرض الوطن،ها هي تفجّر انتفاضة الأقصى بعد أن راح العدّو الصهيوني يتهرب من استحقاقات اتفاق أوسلو ، هذه " فتح " التي قالوا عنها بعد اتفاق أوسلو أنّها تخلت عن المقاومة فإذا بها تبدع وسائل جديدة للمقاومة كانت ساحتها الأولى المسجد الأقصى ، حتى أنّ انتفاضة الأقصى أوجدت جدلا في الساحة الفلسطينية ، هذه الانتفاضة التي استطاعت أن تزاوج بين العمل المسلح والعمل الجماهيري ، وأدت إلى حصار القائد الرمز أبو عمّار في المقاطعة برام الله ، تجربة جديدة يخوضها قائد " الفتح " وهو يرى باب مكتبه وقد ألصقت به العبوات الناسفة ، واحتدم الجدل كيف ستتصرف " فتح " ، فإذا بـ " فتح " الجدلية الدائمة تبدع لنا سلاحاً جديداً في مقاومة الاحتلال ، أنه سلاح أدوات المطبخ ، في مسيرة انطلقت لشبيبة " فتح " من كافة أنحاء رام الله باتجاه القائد المحاصر في المقاطعة ، هذه المسيرة التي كانت تحمل الطناجر والصحون والملاعق ، أنّه سلاح جديد ترفعه " فتح " في وجه الاحتلال ، مجنونة " فتح " أبالطناجر والصحون والملاعق تريد أن تبطل مفعول المتفجرات التي وضعت على باب مكتب القائد ، استطاع هذا السلاح الجديد أن يوقف الهجمة الشرسة لقوات الاحتلال على المقاطعة ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة في الزمان والمكان والحدث ، ويمضي القائد شهيداً ، ويعود الجدل حول " فتح " من جديد ، من يقود " فتح " ؟ ولكنّ " فتح " العملاقة مارست العملية الدستورية بشكل طبيعي وانتقلت قيادة الحركة إلى الأخ أبو مازن كما انتقلت إليه رئاسة منظمة التحرير ، وانتقلت إليه انتخاباً رئاسة السلطة الوطنية ، كما أنّ " فتح " أوجدت جدلية انتخابات المجلس التشريعي ونتائجها التي أوصلت حركة حماس إلى مقاعد السلطة ، فأعطت " فتح " درساً في الديمقراطية أبهر العدو قبل الصديق ، شفافية ونزاهة وانتقال سليم للسلطة من " فتح " إلى حماس 0
ولكنّ " فتح " التي عاشت كل هذه التجارب من أجل فلسطين حرّة عربية نست ذاتها وعاشت أزمتها الداخلية وأصابها الإنفلاش التنظيمي والفلتان السياسي لأنها كانت وما زالت ترى في ذاتها وسيلة لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني ، فلم تلتفت " فتح " إلى وضعها السياسي والتنظيمي إلا بعد فوات الأوان ، وبعد أن أوجدت جدلية جديدة في الساحة الفلسطينية عندما لم تنجر إلى حرب أهلية فلسطينية أرادتها لها حماس ، فآثرت الهزيمة على سيل الدماء الفلسطينية في الشوارع ، فلم تسمح لنفسها بأخذ مواقع الهجوم ضد الآخرين ، بل آثرت اتقاء ضربات الآخرين مما جعلها مكان جدل في الشارع الفلسطيني ، وبعد أن أصبح بيتها أوهن من بيت العنكبوت ، كان لابدّ من الإصرار على عقد المؤتمر العام السادس للحركة والذي كانت التحضيرات قد بدأت له منذ خمس سنوات ،ولكنّ "فتح " لم تستطع تهيئة الظروف لانعقاد المؤتمر ، هذا المؤتمر الذي كان يتطلب إعادة بناء التنظيم وخاصة على أرض الوطن وبعد انتخابات المجلس التشريعي ونتائجه ، ولكنّ الإصرار على عقد المؤتمر من قبل غالبية أبناء الحركة جعل " فتح " أمام وجوب أن تؤدي استحقاق عقد المؤتمر للنهوض بحركة " فتح " التي أصابها الوهن والضعف ، فأُعيد ترتيب البناء التنظيمي بالقدر الممكن سواء في داخل الوطن أو خارجه ،وساد جدل ساخن حول تحديد مكان وزمان انعقاد المؤتمر داخل " فتح " وخارج " فتح " ولكن النتيجة أن أصبحت " فتح " داخل قاعة المؤتمر في بيت لحم مدينة المحبة والسلام وإن برزت بعض المنغصات ممن كان يريد انعقاد المؤتمر خارج أرض الوطن 0
لكنّ السؤال الذي خيّم على الجميع داخل " فتح " وخارجها ، ومن قبل الأعضاء والأشقاء والأصدقاء وحتى الأعداء ، ماذا نريد من مؤتمر " فتح " السادس ؟ فقد كان الأعضاء والأشقاء والأصدقاء يريدون من مؤتمر " فتح " النهوض بالحركة في كافة مجالاتها والعودة إلى قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بشكل لا يضع أي علامة استفهام حول العمل اليومي لحركة " فتح " ، بينما أراد الأعداء من المؤتمر أن تنغمس " فتح " في مزيد من المحسوبية والشخصنة والفساد يؤدي بها إلى مزيد من التنازل أمام العدو بحيث تبدو " فتح " وكأنّها قد تخلت عن مبادئها وأهدافها وأسلوبها من أجل حفنة من الدولارات ، أذاً كان الهدف من عقد المؤتمر العام السادس لحركة " فتح " هو النهوض بالحركة ، فهل كان سير أعمال المؤتمر يخدم الهدف العام للمؤتمر ؟
لم يكن هذا المؤتمر مؤتمراً عادياً ، سواء كان من حيث مكان الانعقاد الذي أوجد جدلاً عاصفاً حتى قبيل انعقاده بساعات ، فهو المؤتمر الأول لحركة " فتح " الذي ينعقد على أرض الوطن وغالبية أعضائه من أرض الوطن بينما كان الشتات مهمشاً إلى أبعد الحدود ، ولا من حيث عدد أعضاء المؤتمر الذي كان يتزايد حتى أثناء انعقاد المؤتمر ، بل وأكثر من ذلك أصبح يحق للجنة المشرفة على المؤتمر وبعد انتهاء المؤتمر أن تضيف أعضاءً جدد إلى المؤتمر وعلى حساب أقاليم الشتات ، وهذه ظاهرة لم تشهدها مؤتمرات " فتح " السابقة ، ولم تشهدها أي من المؤتمرات الفلسطينية والعربية بأن ينعقد مؤتمر دون تحديد عدد أعضائه ، وهذا الأمر أثار جدلا ساخناً داخل " فتح " وخاصة في أقاليم الشتات ، إنها حركة " فتح " الجدلية الدائمة 0
إنّ عشرين عاماً من النضال وعلى جميع الجبهات بما فيها إحداث جبهة فلسطينية داخلية لم نكن نرغب بوجودها كان يتطلب من اللجنة المركزية أن تقدم تقريراً شاملاً عما حدث خلال عقدين من الزمان تبرز فيه أين نجحنا وأين أخفقنا ، ولكن كانت المفاجأة لأعضاء المؤتمر أنّه لا يوجد تقارير عن العشرين سنة الماضية ، وكأنّ هذا الزمن قد سقط من حسابات اللجنة المركزية ، بل أنً الذي حصل عندما احتدم النقاش هو خروج أعضاء اللجنة المركزية من قاعة المؤتمر لأنهم كانوا غير قادرين وغير مؤهلين للإجابة على السؤال الكبير أين التقارير ؟؟؟؟؟ وأمام هذه العاصفة من الغضب داخل المؤتمر جاء الأخ أبو مازن لينقذ الموقف عارضاً على المؤتمر اعتبار كلمته في جلسة افتتاح المؤتمر هي تقرير اللجنة المركزية ولكن هذا الرأي زاد قاعة المؤتمر سخونة برفضه من قبل بعض الأعضاء ، فلا يعقل أن يكون خطاب رئيس السلطة هو تقرير اللجنة المركزية عن أعمالها في فترة سابقة ، ولأنّ مناقشة التقارير فيما إذا وجدت كان سيؤدي إلى أزمة داخل المؤتمر وداخل الحركة ، وللخروج من هذا المأزق ، مأزق الحساب والمحاسبة للجنة المركزية بشكل مباشر ووجهاً لوجه أشار الأخ أبو مازن أنّ صناديق الاقتراع هي مكان الحساب والمحاسبة ، وهذا أوجد جدلاً ساخناً داخل المؤتمر وداخل الحركة ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة
واستطاع المؤتمر من خلال لجانه الثمانية عشرة لجنة أن يناقش أمور الحركة جميعها ، وأن يصل إلى الإعلان السياسي الذي أكد على ''حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال بكل الاشكال وفق القانون الدولي بما فيها الكفاح المسلح''. وهذا تأكيد على أنّ حركة " فتح " ما زالت حركة تحرر وطني ، وهذا ما أكده المؤتمر عندما قال :أنها تتمسك بكونها حركة تحرر وطني تهدف إلى إزالة ودحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال للشعب الفلسطيني، وهي جزء من حركة التحرر العربية ومن جبهة القوى العالمية الساعية إلى حرية واستقلال الشعوب.وأنّ المقاومة حق مشروع لشعبنا في مقاومة الاحتلال ، وأنّه حيث يوجد الاحتلال توجد المقاومة ، فالمقاومة ليست سبباً ، بل أنّ المقاومة هي نتيجة للاحتلال ، ومن واجب الشعب الذي تحتل أرضه أن يقاوم الاحتلال بكل ما هو متاح أمامه، وهذا ما أكده البرنامج السياسي ''خيار الكفاح المسلح هو احد اساليب النضال واشكاله وينطلق النضال من حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والاستيطان والطرد والترحيل والتمييز العنصري وهو حق تكفله الشرائع والقوانين الدولية'' ، وهذا ما أوجد جدلا أيضا على الساحة الفلسطينية ، هل تعود حركة " فتح " لممارسة الكفاح المسلح ؟ ولكن نسأل : متى أعلنت " فتح " تخليها عن الكفاح المسلح ، إنها "فتح " التي آمنت بمبدأ بندقية الثائر بيد والغصن الأخضر باليد الأخرى فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يد " فتح " لأنّ البندقية لا يمكن إسقاطها من يد " فتح " ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة0
كما أن المؤتمر لم يتخلى عن حق العودة وقد أكد على ذلك في أكثر من موضع بقوله " وحق لاجئيه في العودة والتعويض'' وفي قوله في موضع آخر ” ضرورة تحقيق حل عادل لمشكلة اللاجئين استنادا الى القرار 194 وفتح تتمسك بحق اللاجئين في العودة والتعويض واستعادة الممتلكات وبوحدة قضية اللاجئين دون النظر لاماكن تواجدهم''. وكثيرا ما كانت " فتح " تتهم بأنها تخلت عن حق عودة اللاجئين ، ونسي من يوجهون التهم لحركة " فتح " أنّها إنطلقت من مخيمات اللاجئين في الشتات ، وأنّ قضية اللاجئين هي القضية المركزية لحركة " فتح " التي رفض قائدها الشهيد ياسر عرفات التنازل عن هذا الحق في كمب ديفيد ، هي جدلية أخرى ، إنها " فتح " الجدلية الدائمة 0
وحركة " فتح " التي مارست الكفاح المسلح ليس حباً في القتل والتدمير وإنما من أجل الوصول إلى حقوقنا كاملة فوق أرض فلسطين ، ولذلك اعتمدت " فتح " مبدأ ( الكفاح المسلح يزرع والنضال السياسي يحصد ) ولذلك مارست " فتح " أسلوب المفاوضات ، هذه المفاوضات التي طغت على كل أشكال المقاومة ولم تؤتِ أًكلها ، لذلك أكد المؤتمر على أنه لا يمكن الذهاب بالمفاوضات إلى مالا نهاية وأنّ الخيارات الأخرى قائمة وموجودة لدى " فتح " وهي ضرورة ''طرح بدائل اذا تعذر المضي قدما في المفاوضات الحالية (مع اسرائيل) بما في ذلك طرح فكرة الدولة الديمقراطية الموحدة التي ترفض العنصرية والهيمنة والاحتلال''. وهناك خيار آخر هو ''العودة الى اعلان قيام الدولة على حدود 1967 (... ) والعمل على تصعيد حملة دولية لمقاطعة اسرائيل بالاستفادة من تجربة جنوب إفريقيا (...) والعودة الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتحميلهما مسؤولياتهما في حل الصراع وإنهاء الاحتلال''. أنها " فتح " الجدلية الدائمة 0
وحركة " فتح " استطاعت ومن خلال قياداتها في اللجنة المركزية أو المجلس الثوري أن تمارس مبدأ المحاسبة والعقاب ، لقد جاءت نتائج الانتخابات نتيجة حتمية لواقع اللجنة المركزية الضعيف والهزيل ، ولهذا شهدت عملية الانتخابات إقبالاً على الترشيح في اللجنة المركزية أو المجلس الثوري وهذا نتيجة لتدافع الأجيال وغياب المؤتمرات في حركة " فتح " ، ولقد كانت عملية الانتخابات ذو شفافية عالية وعملاً نموذجيا ً يسجل لحركة " فتح " التي مارست الديمقراطية بكل أبعادها ، أليست هي " فتح " التي كانت تفتخر من خلال قائدها التاريخي " ياسر عرفات " بالديمقراطية الفلسطينية في غابة البنادق ، وهذه ديمقراطية " فتح " الفريدة من نوعها على الساحتين الفلسطينية والعربية أفرزت لجنة مركزية جديدة مهمتها النهوض بحركة " فتح " قائدة وحامية المشروع الوطني الفلسطيني وذلك من خلال إعادة البناء التنظيمي للحركة ومن خلال إعادة ترتيب العلاقة ما بين حركة " فتح " وما بين السلطة ، وهذا لا يعني أن تتخلى حركة " فتح " عن السلطة الفلسطينية ، فحركة " فتح " من الخطأ أن تمارس دور حزب السلطة وفي نفس الوقت لا يمكن لفتح أن تنأى بنفسها عن السلطة ، لأنّ فتح هي صاحبة مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية ، وعلى المراقبين جميعا فلسطينياً وعربياً ودولياً أن لا ينظروا إلى اللجنة المركزية الجديدة كأفراد وأشخاص ، بل النظر إليها كلجنة كاملة متكاملة ، ، فكل واحد في اللجنة المركزية هو فتح ، ولكن فتح ليست أي واحد في اللجنة المركزية 0
و لقد أدرك أعضاء المؤتمر وكوادر" فتح " أن حركتهم ما زالت هي النقيض الرئيس للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني علي أرض فلسطين , وفتح هي التي تخلق الجدلية الوطنية في كافة مراحل النضال , وهي مازالت قائدة المشروع الوطني حتى يتم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بحدود الرابع من حزيران وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أخرجوا منها عام 1948 تنفيذاً للقرار 194 وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال ، إنها جدلية النضال الفلسطيني ، إنها حركة " فتح " الجدلية الدائمة 0
ولقد خرجت " فتح " من قاعة المؤتمر هادئة الأعصاب ترنو إلى حلمها الفلسطيني وقد تحقق وفي نفس الوقت تستعد لعقد مؤتمرها السابع في وقته المحدد ، فالمؤتمر السادس هو المؤتمر التمهيدي للمؤتمر السابع كما ينظر إليه أبناء حركة " فتح " 0
حمص في 14/8/2009 صلاح صبحية
صلاح صبحية- المساهمات : 32
تاريخ التسجيل : 27/09/2009
مواضيع مماثلة
» حواتمة طلب السلطة تأجيل تقرير "غولد ستون" جريمة سياسية وأخلاقية
» تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن تأجيل التصويت على تقرير "غولد ستون" خطوة غير كافية
» النص الرسمي لخطة "خارطة الطريق
» النص الحرفي للـ "الرؤية المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني
» تشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤولين عن تأجيل التصويت على تقرير "غولد ستون" خطوة غير كافية
» النص الرسمي لخطة "خارطة الطريق
» النص الحرفي للـ "الرؤية المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى